الأحد، 12 فبراير 2012

تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق - تأليف: محمد ناصر الدين الألباني 1/2



   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته: سنتناول في هذا الموضوع بعض الأحاديث الواردة في فضل أهل الشام على سائر الناس، وفضل تلك الأرض على سائر البلاد في حديث نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد وجدت كتابا قيما للعلامة المحدث الشيخ الألباني رحمة الله عليه، يعرض فيه تخريجا للأحاديث الواردة في فضائل الشام ودمشق، فارتأيت نشرها تعميما للفائدة، وسأنشر لكم بعضها في موضوعنا لهذا اليوم، على أمل استكمال نشر الباقي في مواضيع لاحقة بحول الله.

عنوان الكتاب: تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق
تأليف: محمد ناصر الدين الألباني
الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
الطبعة الأولى للطبعة الجديدة 1420هـ- 2000م


 الحديث الأول:

عن زيد بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه سلم:
"يا طوبَى للشام، يا طوبَى للشام، يا طوبَى للشام 1, قالوا: يا رسول الله! وبِمَ ذلك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام".
قلت: هو حديث صحيح, أخرجه الترمذي "2/ 331, طبع بولاق"، وقال: "حديث حسن", وزاد في بعض النسخ: "صحيح".
والفسوي في "التاريخ" "2/ 301"، وابن حبان في "صحيحه" "2311, موارد الظمآن"، والحاكم في "المستدرك" "2/ 229"، وأحمد في "المسند" "5/ 184"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "1/ 112-115", وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين", ووافقه الذهبيّ، وهو كما قالَا, وقال المنذري في "الترغيب" "4/ 63":
رواه ابن حبان في "صحيحه"، والطبراني بإسناد صحيح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 في أكثر الروايات: "طوبى لأهل الشام".


 الحديث الثاني:

عن عبد الله بن حوالة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"ستنجدون أجنادًا، جُنْدًا بالشام، وجُنْدًا بالعراق، وجندًا باليَمَنِ", قال عبد الله: فقمت، قلت: خِرْ لي يا رسول الله! فقال: "وعليكم بالشام، فمن أبى فليلحق بيمنه، وليستق من غُدُرِه، فإن الله -عز وجل- قد تكفَّل لي بالشام وأهله".
قال ربيعة: فسمعت أبا إدريس يحدث بهذا الحديث، يقول: ومن تكفَّل الله به فلا ضيعة عليه.
قلت: حديث صحيح جدًّا؛ فإن له أربعة طرق:
الأولى: طريق المُصنف، وهي من طريق مكحول, عن ابن حوالة, على خلافٍ عليه فيه.
أخرجه الحاكم "4/ 510"، وأحمد "5/ 33"، وابن عساكر "1/ 47-56", وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.

والطريق الثاني: أخرجه أبو داود "1/ 388"، وأحمد "4/ 110" من طريق أبي قتيلة, عن ابن حوالة. وإسناده صحيح.
والثالث: أخرجه أحمد أيضًا "5/ 288" من طريق سليمان بن شمير عنه. والرابع: أخرجه الطحاوي في "مُشْكَل الآثار" "2/ 35", عن جبير بن نفير عنه. وله طريق خامس رواه المُصنّف، وسيأتي الكلام عليه في الحديث التاسع. وله شواهد من حديث أبي الدرداء وغيره.


 الحديث الثالث:

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"إني رأيت عمودَ الكتاب انْتُزِعَ من تحت وسادتي، فنظرتُ فإذا هو نورٌ ساطعٌ عُمِدَ به إلى الشام، ألا إنّ الإيمان -إذا وقعت الفتن- بالشام".
حديث صحيح, أخرجه الفسوي "2/ 290-291 و300 و311 و523"، والحاكم "4/ 509"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 252"، وابن عساكر "1/ 92-98"، وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين, ووافقه الذهبي.
وقد وَهِمَا في قولهما: "إنه على شرطهما، وإنما هو صحيح فقط؛ لأن في السند يونس بن ميسرة بن حلبس، ولم يخرِّج له الشييخان شيئًا، وهو ثقة.
والحديث أورده الهيثمي في "المجمع" "10/ 58"، وقال:
"رواه الطبراني" في "الكبير" و"الأوسط" بإسنادين، وفي أحدهما ابن لهيعة، وهو حسن الحديث، وقد توبع على هذا، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وله عند ابن عساكر طريق أخرى، وحسنه.
وله شواهد من حديث عمرو بن العاص وأبي الدرداء. رواهما أحمد "4/ 198 و5/ 198 و199"، وإسناده الثاني صحيح. ومن حديث عبد الله بن عمر, وعبد الله بن حوالة عند المُصنِّف, وسيأتي الكلام عليهما، فانظر الحديث التاسع والعاشر.

 الحديث الرابع:

عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"الشام أرض المحشر والمنشر".
قلت: حديث صحيح, تفرَّدَ المُصنِّفُ بإخراجه من هذا الوجه, وهو ضعيف الإسناد جدًّا.
لكن أخرجه الإمام أحمد "6/ 257"، ومن طريقه ابن عساكر "1/ 164", من وجهٍ آخر في حديثٍ لأبي ذر موقوفًا عليه، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقره على ذلك، ولم ينكره عليه، فهو في حكم المرفوع، بَيْدَ أن إسناده ضعيف.
لكن له طريق أخرى في حديث آخر لأبي ذر، أخرجه ابن عساكر "1/ 163-164"، وقد صححه الحاكم "4/ 509" على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وهو في "صحيح الترغيب" "رقم 1162".
وله شاهد أخرجه أحمد "6/ 436"، وابن ماجه "1/ 429 و430", من حديث ميمونة بنت سعد مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا نبي الله! أَفْتِنَا في بيت المقدس؟ فقال:
"أرض المحشر والمنشر..." الحديث.

وإسناده صحيح، كما قال الحافظ أحمد بن أبي بكر البوصيري في "زوائده"، وقوَّاه النووي في "المجموع"، وقد تكلمنا عليه مفصلًا في كتابنا "الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب" في "المساجد".
تم تبيَّنَ لي أنه معلول، ولذلك نقلته من "صحيح أبي داود" إلى "ضعيفه" "68".
وبالجملة؛ فالحديث بشاهده وطريقه الأخرى صحيح قويّ؛ لذلك نرى أن الأستاذ/ صلاح الدين المُنجد, قد أخطأ حين أورد الحديث في الأحاديث الموضوعة التي نَبَّه عليها في مقدمة الكتاب "ص10"1, وليس يسوغ له ذلك قوله في خاتمتها: "ونحن في ترجيحنا أن هذه الأحاديث موضوعة, قد اعتمدنا على النقد الداخلي، أعني: نقد المتن في الحديث, ولو صحَّ سنده"؛ لأنه: أولًا: ليس لهذا النقد الداخلي قواعد محررة، وضوابط مقررة, يمكن الاعتماد عليها، والرجوع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 كتاب "فضائل الشام ودمشق".

الاختلاف إليها، خلافًا للنقد الخارجي، أي: نقد السند، فقد وضع له علماؤنا -رحمهم الله- من القواعد والضوابط ما لا يمكن الزيادة عليه، كما تَجِدُ ذلك مفصلًا في كتب مصطلح علم الحديث، ومن أجمعها "قواعد التحديث" للشيخ جمال الدين القاسمي -رحمه الله.

وثانيًا: أن الأستاذ لم يبيّن وجه كون الحديث موضوعًا متنًا حتى يمكن النظر في ذلك، ومجال الكلام في هذا البحث الخطير لا يتسع له هذا الملحق.


 الحديث الخامس:

عن معاوية بن قُرَّةَ, عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"إذا هلك [أهلُ] الشام فلا خيرَ في أُمتي، ولا تزالُ طائفة من أُمتي على الحق يقاتلون الدجال". قلت: هو بهذا اللفظ ضعيف؛ تفرَّدَ به المُصنِّفُ، وفي إسناده عمران بن إسحاق أبو هارون، قال الذهبي في "الميزان": "لا يُدْرَى من هو". قُلت: ومن طريقه, أخرجه ابن عساكر "1/ 254"، وأشار إلى جهالته. والصحيح في لفظه ما أخرجه الطيالسي في "مُسنده" "ص145 رقم 1076", عن شعبة, عن معاوية به مرفوعًا:"إذا فسدَ أهلُ الشامِ فلا خيرَ فيكم، لا تزالُ طائفةٌ من أُمتي منصورين، لا يضرُّهم من خَذَلَهم حتى تقومَ الساعةُ". وإسناده صحيح.

 ومن طريقه, أخرجه الترمذي "2/ 30"، وقال: "حديث حسن صحيح".
وأخرجه أحمد "3/ 436 و5/ 35"، وروى ابن ماجه "1/ 6-7" الشطر الثاني، وابن حبان في "صحيحه" "2313- موارد"، وأبو نعيم "7/ 230-231"، والخطيب "8/ 417 و418 و10/ 182" الشطر الأول، والفسوي "2/ 295"، وابن عساكر "1/ 292-294"، وقال: "وتَفَرَّدَ به شعبة".
قلت: وهو ثقة حجة إمام. وللشطر الثاني منه شواهد كثيرة في "الصحيحين" وغيرهما عن جَمْعٍ من الصحابة، يأتي تسميتهم قريبًا.






إعلانات دعوية

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More