الأحد، 29 يناير 2012

الرد على الشبهات المثارة حول السنة النبوية الشريفة ـ 4 ـ تناول السنة الأمور الغيبية





يقول منكرو السنة : وجود أحاديث في البخاري ومسلم تناولت الأمور الغيبية، كأحاديث وصف الجنة والنار، ونعيم القبر وعذابه، وما حدث به النبي عن أمور في حياته ستحدث بعده، في الحياة الدنيا، وهذا يتعارض مع أن علم الغيب لا يعلمه إلا الله؛ وهذا دليل على أن السنة المروية في الكتب الآن موضوعة، ولا يصح نسبتها للرسول؛ وإن استوفت شروط صحتها، وتواطأ عليها العلماء!!!

الرد على هذه الشبهة :
إن رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن أول رسول، يكشف الله له بعض الغيوب، فحدث ذلك مع نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ عدة مرات : منها أن الله أطلع يوسف عليه السلام، وهو غلام، حين ألقاه أخوته في الجب ليتخلصوا منه، يقول تعالى : { فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون } (يوسف1: 15)   ثم دار الفلك دورته، وجاءت لحظة الإنباء، فقال لهم يوسف عليه السلام: { قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون } (يوسف: 89). ثم من الله على يوسف مرة أخرى إذا أطلعه على غيب زماني قبل أن يقع بعشرات السنين عندما أنبأه عن طريق الرؤيا الصادقة { إذ قال يوسف لأبيه إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } (يوسف: 4) .  ومرت السنين وصدق الله رسوله يوسف  هذة الرؤيا عندما رأى أخوته وأباه وأمه بمصر،  وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى : { ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رءياى من قبل قد جعلها ربي حقا } (يوسف: 100).
ونجد أيضا أن الله تعالى كشف الغيب المكاني ليعقوب ـ عليه السلام ـ فنقل إليه رائحة ولده يوسف، وحكى القرآن الكريم هذه المعجزة على لسان يعقوب نفسه : { ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون } (يوسف: 94) .
ونجد أن معجزة الكشف الغيبي امتدت لتشمل أم موسى  وقد قال عز وجل: { وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } (القصص: 7). فقد أخبرها المولى بأنه سيرده  إليها، ويجعله رسولا،  وهذا يعتبر غيبا زمانيا. ووقع هذا الغيب بشقيه: الرد، والرسالة، فقال تعالى : { فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن }. (القصص: 13) . أما الرسالة فقال تعالى : { ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين } (القصص: 14)0
وقد كشف الله عز وجل الغيب لرسوله عيسى بن مريم عليه السلام وتحدث بذلك عيسى عليه السلام باعتباره آية من آيات الرسالة، التي كرمه الله بها إلى بني إسرائيل : { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } (آل عمران: 49).

نلخص من هذا كله، أن الله تعالى كشف الغيب ليعقوب، ويوسف، وعيسى، وأم موسى، فهل بعد ذلك أحد يستكثر أن يكشف الله  بعض الغيب الزماني والمكاني لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ؟!

إن الرسل لا يملكون الاطلاع على الغيب بذواتهم، وإنما يمن عليهم علام الغيوب بما يشاء هو سبحانه لا بما يشاءون هم. أعلن الله فى كتابه أنه وحده هو عالم الغيب، وفي الوقت نفسه أعلن أنه يطلع من يشاء من رسله على أشياء من الغيب  بمقتضى إرادته وحكمته. يقول الله تعالى: { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا } (الجن: 26-28). 

ثانيا : الأحاديث التى تناولت الغيب:
1 ـ تكوين الأجنة في الأرحام :

لقد تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مراحل تكوين الجنين، في رحم أمه، وحدد كل مرحلة تحديدا دقيقا ونص الحديث كما في البخارى ومسلم : " إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة، مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، وينفخ فيه الروح " .
الشاهد في هذا الحديث هو تحديد مدة كل مرحلة من المراحد الثلاث بأربعين يوما. بعدها يبعث الله الروح فيه، ثم جاء الطب الحديث والتقط صورا للأجنة، وهي في الرحم وتطابقت نتائج الأبحاث الطبية مع دلالات الحديث تماما.
فكان هذا الحديث معجزة نبوية خالدة، وموضوعة غيب مكاني وزماني معا. 
إن القرآن ذكر المراحل لكنه لم يذكر مدة كل مرحلة، فحددتها السنة بأربعين يوما، ولم يذكر القرآن لحظة بعث الروح، فبينت السنة أنه يكون على رأس المائة والعشرين يوما أي حاصل جمع ثلاث مراحل، أوليس هذا غيبا لم يمكن الاطلاع عليه يوم قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث الإعجازي؟!

2 ـ حديث علامات الساعة: 

وهو الحديث الذى رواه الإمام مسلم، ويخبر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلامات الساعة: يقول " أن تلد الأمة  ربتها، وأن ترى الحفاة العراة  العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان " وذهب بعض العلماء في تفسير ذلك بأنه : تسويد الأمور  إلى غير أهله، وتقلب أحوال المجتمعات، فالجاهل يحكم العالم، والوضيع يسود الشريف، وهكذا .. أما العبارة الثانية في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفسيرها الزحف الحضاري المادي، حتى يشمل البوادي والصحارى والمراعي والوديان، وهذا كله واقع مشاهد الآن، ولم يكن له وجود يوم أخبر به النبي المعصوم.
أفليس هذا دليلا قاطعا على صدق الأحاديث النبوية، التي تتحدث عن أمور الغيب، ثم وقعت بعد الإخبار بها بدهور كما كما وصفها النبي المعصوم؟!
إن الأحاديث النبوية الغيبية صادقة كل الصدق، وهي بذلك دالة على النبوة وصدقها، وهي بذلك دليل الإعجاز، لا الإنكار والجحود.









إعلانات دعوية

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More