الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

من أخلاق النبي الكريم - دعوة لقراءة سيرته صلى الله عليه وسلم



   الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد، ما تعرض بشر خلقه الله تعالى إلى الهجوم و الإهانة و الإفتراء مثلما تعرض له محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله و خاتم النبيين و الرسل سواء في حياته أو بعد مماته، رجل بشر كلفه الله تعالى أن يبلغ بني جنسه رسالة تدعوهم إلى فعل الخيرات ومكارم الأخلاق و صالح الأعمال و يعدهم إن هم  فعلوا ذلك بجنة عرضها السماوات والأرض وبالفردوس دارا غرسها الرحمان بيده وجعلها مستقرا لرحمته، فلم يطلب منهم أجراً و لا مكانة خاصة لنفسه، لم يطلب حكما ولا كرسيا، لم يسألهم جاها ولا تأليها لشخصه، في مقابل ما يدعوهم إليه. فلم يكن جزاؤه إلا أن كذبوه و أهانوه و حاربوه و قالوا عليه الأقاويل وآذوه أشد ما تكون الإذاية، ومع ذلك حين شجوا رأسه في يوم أحد وكسروا رباعيته لم يغضب أو يدع عليهم بل  قال: «رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ».



   من بمثل هذه الأخلاق يا ترى، ومع ذلك اتهم بالجنون والسحر والشعر والكذب، فهل استسلم؟ لا، بل ضل يدعو إلى كلمة التوحيد، وإلى عبادة الله وحده لا شريك معه، حتى انتشرت دعوته في الآفاق وبلغت بعد موته إلى الصين شرقا وبلاد المغرب غربا فقط بأخلاقه التي تحلى بها من جاء بعده وليس بالسيف كما يزعم المغرضون.

   وحصبوه بالحجارة في الطائف، فأرسل الله إليه ملك الجبال ليأمره في قومه بما شاء انتقاما لنبيه، فعفا صلى الله عليه وسلم ، قَالَتْ له عائشة رضي الله عنها : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ :«لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ :إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رُدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ»؟ فماذا كان رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال :«بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»(متفق عليه).

   هذه دعوة إلى كل الإخوة والأخوات لإعادة قراءة سيرة المصطفى عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم، لنعتبر بما في حياته الشريفة من مواقف عظيمة وشيم المروءة والرجولة، لعلنا بامتثالنا لها تسمو النفوس وتصفى القلوب ونحيي بها سننا وشمائل غابت عن الناس في وقت طغت فيه الماديات والشهوات حتى كاد البعض منهم يعود إلى عصر القرون الجاهلية المتوحشة بما عاشته من ظلام وظلمات.
فاللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

أختكم سحر فاروق. 

إعلانات دعوية

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More